المرأة المصرية منذ ثورة ال25 من يناير أثبتت بما لايدع مجالاً للشك أنها سيدة الحرب والسلام، أزاحت الظلمات التي كانت تسيطر على العقول الذكورية التى كانت ترى النساء في مصر ما هن إلا ضعيفات لا يتوقفن عن الشكوى من سوء أوضاعهن، ولكن الحقيقة تنجلى يوماً بعد الاَخر مع تتابع ظهور النماذج النسائية الناجحة التى تتمكن وباقتدار أن تتخلص من النظام الأبوي البطريركي بكل قوة وحزم.

“مشروع تحسين المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والظروف المعيشية للنساء” والذي تم تنفيذه في منطقة المرج في الفترة من فبراير 2013 وحتى مارس 2015 ، واستفادت منه أكثر من 300 سيدة يعشن في ظروف اقتصادية واجتماعية شديدة السوء، إلا أنه عندما دقت ساعة العمل ومنحت النساء فرصة للتطوير والدعم، نجحن، وأصبحت كل واحدة منهن تمتلك مشروعًا صغيراً لتتحول بعد سنتين إلى “سيدة أعمال تبدأ أولى خطواتها.

لنتعرف على مزيد من التفاصيل فى هذا الصدد، أجرت “مجلة ولها وجوه أخرى” حواراً مع “ايفيلين سليمان” مديرة “مشروع تحسين المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والظروف المعيشية للنساء” بالجمعية المصرية للنهوض والتنمية الشاملة.

متى بدأ تنفيذ المشروع وما المحاور الأساسية التي استهدفها المشروع؟

مشروع تحسين المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والظروف المعيشية للنساء تم تنفيذه في منطقة المرج في الفترة من فبراير 2013 إلى مارس 2015 بالتعاون مع هيئة سيديال الأسبانية، وهي متخصصة منذ أكثر 25 عاماً في تنفيذ برامج ومشروعات تنموية في بلدان النامية، استهدف أكثر من  8 محاور منها إنشاء مراكز لتمكين المرأة، وبرنامج محو الامية، والتوعية الاجتماعية والمدنية والاقتصادية، وتوفير خدمات المشورة القانونية والنفسية للسيدات ، وتحسين المهارات المهنية للنساء (التنمية الاقتصادية)، ومحور استخراج الأوراق الثبوتية، المتابعة الطبية  والمساعدات على توظيف النساء .

لماذا وقع الاختيار على “المرج” لتنفيذ المشروع؟

لأنها من المناطق العشوائية المحرومة تمامًا من الخدمات في شمال محافظة القاهرة  ويتجاوز عدد سكانها 2 مليون نسمة، وهي تضم مجموعة متنوعة من فئات الشعب المصري سواء الصعيدي أو الفلاح أو البدوي، وكل فئة استقرت في المرج بثقافتها، في ظل انعدام الخدمات وقلة الإمكانيات، ومن خلال تنفيذ مشروع تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لنساء المرج تم توفير بعض الخدمات غير المتوفرة مثل الخدمة الصحية والطبية والتعليمية .

ما المشروعات التي انخرطت فيها السيدات وقدمت الجمعية قروضاً لها؟

الجمعية منحت قروضاً بعدد 107 قرضاً صغيراً لمستفيدات المشروع، وتنوعت مجالات القروض بين مشروعات خدمية حرفية مثل (ورش حرفية – تفصيل – كوافير – تصنيع اكسسوارات – مخبوزات ) ، وما بين مشروعات تجارية مثل (بقالة – محل دواجن – محل خضار- عطور- ملابس جاهزة – منتجات ألبان).

والمشروع ترك للسيدات اختيار المشروع أو الحرفة التي تحبها، مع مراعاة احتياجات السوق لطبيعة المنتج والقدرة علي تسويقه، وتنوعت المشروعات ما بين خياطة الملايات والستائر، والمنظفات والكوافير والحلويات والإكسسوار، وصناعة الشنط، وكلها مهن تألقت فيها السيدات.

كم عدد النساء المستهدفات من المشروع؟

العدد المستهدف من السيدات 300 امرأة ، لكن هناك برامج ملحقة بالمشروع كالاستشارات النفسية والقانونية وندوات التوعية، تضاعفت فيها أعداد النساء المستفيدات،حتى وصلت إلى 600 سيدة ، وهو ما يوضح مدى احتياج النساء لمعلومات تخصهن بشدة، ويردن بها تحسين أحوالهن وأحوال أولادهن.

هل السيدات نجحن في مواجهة التحديات الخاصة بالتعلم وتحمل مسؤولية مشروع وتسديد قرض؟

المرأة  المصرية طوال الوقت قادرة على صنع المعجزات لو جاز التعبير، ولكن لو تم اتاحة فرصة حقيقية لها، هي قادرة على إثبات وجودها في أصعب الظروف وأشدها قسوة، فهي أكثر شخصية مهمومة بالبيت والأولاد، والدليل نجاح السيدات اللواتى استهدفهن المشروع بعد تدريبهن على أيدي الكوادر والاستشارين، وحدث تغير كبير منذ سنتين في وعي السيدات الذي ارتفع سواء على المستوي الشخصي أو النفسي أو القانوني وكيفية تربيةالأطفال.

أحد محاور المشروع هو استخراج الأوراق الرسمية المفقودة للنساء كيف كانت نتيجته؟

المشروع ساعد 200 مستفيدة على استخراج أوراق رسمية لهن، لإتاحة الفرصة أمامهن لممارسة كافة حقوق المواطن، وقد حقق المشروع 237 مستفيدة أكثر مما كان مستهدف، ونجحنا في استخراج 136 بطاقة رقم قومي، 98 شهادة ميلاد ، وساعدت هذه الأوراق المستفيدات على الوصول إلى بعض حقوقهن مثل الميراث ،استخراج بطاقات التموين، استخراج معاشات اجتماعية، إلحاق أطفالهن بالمدارس، تسجيل عدد 3 من المستفيدين غير المقيدين بسجلات الدولة، مساعدة بعض السيدات على تصحيح أخطاء في أسمائهن في سجلات الدولة، وتعريف السيدات بحقوقهن لدى أجهزة الدولة.

هناك سيدات وصلت أعمارهن إلى 50 عاماً ولم يستخرجن أوراقاً ثبوتية، ولم يمتلكن بطاقات رقم قومي، ورغم كل ذلك السيدات كان لديهن أمل في التغيير.

هل نفذت الجمعية المشروع كاملاً وحدها أم تعاونت مع شركاء اَخرين؟

كان ضروريًا وجود شركاء يعملون مع الجمعية المصرية للنهوض والتنمية الشاملة لتحقيق أهداف المشروع، لذا اخترنا جمعيات أهلية نشيطة في المرج منها؛ جمعية الشرفا، أبناء انور ،كمال رمزي ،كلمتنا ، ومقر الجمعية المصرية بالمرج ، وأقام المشروع خمس مراكز لخدمة المرأة لنستطيع تقديم رسالتنا بالطريقة الصحيحة.

 تحدثتِ عن مساعدات طبية للسيدات عبر المشروع .. فما طبيعتها؟

المشروع ساهم في توفير متابعة للمستفيدات من خلال بعض التخصصات المختلفة مثل؛ الباطنة ،الأطفال، أمراض النساء والأمراض الجلدية، ومن خلال متابعة 250 مستفيدة من سيدات المشروع تم اكتشاف بعض الحالات المرضية وخاصة في أمراض النساء بسبب بعض العادات والتقاليد المتعلقة بأمراض النساء والتعامل مع إصابات الأطفال، واكتشاف حالتين مصابتين بسرطان الثدي، إحداهما ورم حميد وأخرى خبيث ويتم متابعتها عن طريق المعهد القومي للأورام، فضلاً عن اكتشاف طفلة لديها ثقب في القلب وتم تحويلها لمعهد القلب، واكتشاف إصابات كثيرة من الأمراض الجلدية بسبب تلوث المنطقة بالرشاح في منطقة كمال رمزي بالمرج .

كيف تساعد الجمعية “المصرية للتنمية الشاملة ” في تسويق منتجات السيدات؟

نعطي السيدات قروضاً لتزويد منتجاتهن، وتوفير معارض لهن، ونساعدهن بالتواصل مع جمعيات وأسواق أخرى، وسوف نسافر ببعض المنتجات لتونس.

ماذا عن دور وزارة التضامن الاجتماعي في دعم المشروع؟

وزارة التضامن الاجتماعي من أكثر الوزارات المتعاونة في دعم نشاط الجمعية، طوال الوقت في منطقة المرج نعمل من خلال إدارة الشؤون الاجتماعية، بل وتحصل على منتجات السيدات وتعرضها في معارض الأسر المنتجة، وتتجاوز الروتين.

ما التحديات التي تواجه المرأة في الفترة المقبلة؟

تحتاج المرأة أن تشعر بكيانها كامرأة، والذي ينقصها هو فقدانها الثقة في النفس، فالنساء لايلقين الدعم الكافي سواء في الأسرة أو العمل، ودائمًا يتم تصدير صورة لها بأنها كائن ضعيف يحتاج للاعتماد على الاَخرين، ولكن هذا غير صحيح، بدليل تصدرها للصفوف الأولى في ثورة يناير وكافة الطوابير أمام اللجان أثناء الانتخابات أو الاستفتاءات، فضلاً عن كل النماذج النسائية الناجحة في المشروع فهن سيدات قويات ناجحات في أعمالهن.