منذ قيام الثورة فى 25 من يناير وتتكرر على مسامعنا العديد من المصطلحات التى قلما يعرفنا ذاكريها بمفهومها أو ما ترمى إليه ، ومن بين هذه المصطلحات، كثُر ترديد مصطلح “المواطنة” والذى من فرط ما استخدم دون إيضاح لمعناه اعتبره البعض يشير لحب الوطن وصحيح أن المواطنة ترتبط بالإنتماء للوطن لكن معناها يشير إلى العضوية الكاملة للوطن دون تتميز سواء على أساس الجنس أو اللون أو الأصل أو الدين.

ومن منطلق التمييز على أساس الجنس الذى يجد طريقه ممهداً فى الكثير من المجتمعات تبلور مصطلح “مواطنة المرأة”.

966546909650788

ولعلنا فى السطور التالية نستطيع التعريف بالمصطلحين الأم والمشتق منه، ولنبدأ مع “المواطنة”

مفهوم المواطنة:
المواطنة بمعناها اللغوي العربي، مشتقة من وطن، وبحسب كتاب لسان العرب لابن منظور ” الوطن هو المنزل الذي تقيم فيه ، وهو موطن الإنسان ومحله” وبناءً على ذلك فالمواطنة هى الإنتماء للوطن.

أما المفهوم المستخدم والصحيح فى العصر الحالى، هو “العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة من يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على معايير مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري،
وتحدد المواطنة سلسلة من الحقوق  والواجبات ترتكز على أربع قيم محورية هي:

  1. المساواة
  2. الحرية
  3. المشاركة
  4. المسئولية الإجتماعية

وهذه المحاور تشير بوضوح إلى الخلل الذى تعانيه مجتمعاتنا فى تحقيق المواطنة، وتحديداً بالنسبة للمرأة فالمساواة بين الرجال والنساء مازال أمر غير محقق، وحرية المرأة درب من دروب الخيال والمشاركة وتحديداً على الصعيد السياسي محدودة وتتم على سبيل “المنحة والتفضل” وليس كحق.
ويمكن تعريف مصطلح مواطنة المرأة بإعتبارها “الإعتراف بأن المرأة مواطن كامل غير منقوص الحقوق ولا الواجبات، وتتحقق مواطنة المرأة بتحقيق المساواة والكف عن التمييز ضدها من منطلق أفضيلة جنس على جنس اَخر، وهذا لن يتحقق إلا في وطن تسوده الحرية والحوارية العلمية ويتمتع بالديمقراطية وتقبل الآخر”

أبرز معوقات تحقيق مواطنة المرأة :

· الثقافة المجتمعية التى تحط من قدر المرأة وترفض القبول بمساواة النساء بالرجال

· الصورة المغلوطة لوضعية المرأة فى الدين الإسلامى والتى يدعى أنها “نصف إنسان” يستحق نصف ما للرجل فى كل شئ وأحياناً لا يستحق
· المناهج التعليمية التى يغيب عنها مفاهيم المواطنة وفى كثير من أوراقها تدعم التمييز ضد الفتيات
· عدم إكتراث الدولة بإستثمار قدرات المرأة وكفائتها وقطع الطريق أمام مشاركتها فى الحياة السياسية بفاعلية وحضور مثل حضور الرجل.
· خروج الإعلام من دائرة التوعية ودعم تطبيق”مواطنة المرأة”
ويكمن حل أزمة غياب “مواطنة المرأة” فى مجتمعنا، فى النظر والتمعن فى المعوقات وقلب كل كلمة سلبية إلى عكسها فالرفض للمساواة يقابله القبول بالمساواة والإعتراف بها، ما يغيب عن المناهج التعليمية حله فى أن يحضر إليها وليس فقط ككلمات منثورة على الورق وإنما كمحتوى يبقى أثره فى العقل ويتحول إلى فعل ومن ثم سلوك معتاد فثقافة عامة.