انطلقت دورة الألعاب الأوليمبية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، في الأول من الشهر الجاري وسط التفاف وصخب دولي وإعلامي واسع، في حدث ينتظره العالم من أقصاه إلى أدناه كل أربعة سنوات.

وتشارك مصر هذه الدورة –المستمرة حتى  الــ21 من أغسطس الجاري، بأكبر بعثة رياضية في تاريخ مشاركتها في الأولمبياد، تضم 121 رياضيًا ورياضية، بينهم 37 لاعبة، وحصد منهم – حتى الاَن – لاعبين فقط ميداليات برونزية في مسابقات رفع الأثقال، وهما؛ سارة سمير ومحمد إيهاب.

صاحب هذه الدورة حالة من الجدل انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر، كان أساسها التمييز على أساس الجنس.

2_996

منتخب مصر – الكرة الشاطئية

البداية كانت من نصيب الفريق المصري للكرة الشاطئية، فقد انقسم الجمهور حول ملابسهن بسبب ارتداء عدد من المتسابقات الحجاب، ومنذ دخول هذه اللعبة ضمن الألعاب الأولمبية في دورة أطلنطا عام 2006، والجدل يتكرر كل دورة تقريبًا حول الأمر نفسه، لكن الجدل زاد مع هذه الدورة عقب المباراة التي جمعت المنتخبين المصري والألماني، بسبب الصور التي أظهرت عددًا من لاعبات مصر بالحجاب وأبرزهن “دعاء غباشي” مقابل بيكيني لاعبات ألمانيا، إذ رفض البعض ملابس الفريق المصري واعتبر أن الحجاب ثقافة دخيلة على المجتمع، في حين احتفى آخرون بظهور  اللاعبات المحجبات بالمسابقات الدولية منتقدين ضيق ملابسهن التي تؤدي لاهتزاز أجسادهن أمام العالم.

حالة الجدل امتدت إلى الدول العربية وتحديدًا السعودية، حيث أكبر عداء لحقوق النساء، وقد دشن متابعو مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج #نساء_الأولمبياد_لا_يمثلوننا”، احتجاجًا على المظهر أيضًا، دون النظر إلى أداء اللاعبات.

أما “يسرا مارديني” التي لقبت بمعشوقة العالم، بعد أن ذاعت قصة هروبها من الحجيم في سوريا إلى ألمانيا، إلى أن وصلت إلى الأولمبياد، وفي الوقت الذي يدعمها فيه العالم الغربي كبطلة صغيرة غامرت بحياتها لتنقذ عشرات، وعافرت من أجل حلمها، في الوطن العربي كثير من أصحاب العقول المشوهة الذين لا يرون في المرأة سوى جسد لابد من تكفينه، ينتقدون ارتداءها المايوه خلال مشاركتها في منافسات 100 متر فراشة.

ملابس المشاركات بدورة الأولمبياد يحددها قواعد وضوابط وليس أهواء المشاهدين

2016-636068222521102295-110

شيماء خلف – رفع أثقال

من جانبها تعلق الدكتورة “عزة كامل” المدير التنفيذي لمركز وسائل الاتصال  الملائمة من أجل التنمية (أكت)، على هذه الحالة، بتأكيدها أن مجرد وصول فتاة من العالم الثالث إلى هذه المسابقات الدولية المهمة، أمر يجب الاحتفاء به، لافتةً إلى ضرورة توجيه التحية إلى كل الفتيات المشاركات بالمسابقة.

وتابعت “كامل” في حديثها لــ”ولها وجوه أخرى”:  “ملابس المشاركات  بدورة الأولمبياد يحددها قواعد وضوابط كل لعبة، وليست أهواء المشاهدين” مضيفةً أنه يتعين أن يكون شكل اللاعبة المشاركة معقول ولطيف حسب قولها.

وأضافت “كامل” أن حالة الجدل بشأن الملابس غريبة، في ظل تخطي هؤلاء المشاركات من الدول العربية صعوبات وتحديات كبيرة، تواجهها كل فتاة من فتيات دول العالم الثالث ومن بينهن المصريات والسعوديات واصفة حالة المنتقدين بـ”طق حنك”.

التجاهل هو الحل الأمثل

medium-102800018738817945

سارة سمير – رفع أثقال

وأيدت “سناء السعيد” عضو المجلس القومي للمرأة، رؤية “عزة كامل” مدير مركز ACT، بشأن ضرورة توجيه التحية للفتيات المصريات المشاركات بهذه الدورة من الأولمبياد، لافتةً إلى أن المجلس أصدر بيانًا احتفى باللاعبة “سارة سمير” الفائزة بالميدالية البرونزية.

وقالت “السعيد” في تصريحات لــ”ولها وجوه أخرى”، “جميع الذين شاركوا وفازوا هم واجهة مشرفة، وعلى المستوى الخاص بالفتيات، سعداء بهن للغاية، ويستحقن كل الإشادة والتقدير.”

وعلقت “السعيد” على الانتقادات التي تلاحق الفتيات قائلة إن المنتقدين ينطبق عليهم المثل المصري الدارج “ما لقوش في الورد عيب قالوا أحمر الخدين”، وواصلت “نحن لا نترك كل شيء وشخص ناجح وفي صورة جيدة، بل لابد أن نشوهه.”

وأكدت “السعيد” أن الملابس تأتي في إطار الحرية الشخصية للمرأة التي يكفلها الدستور والقانون، وأن التجاهل هو الحل الأمثل في مواجهة هذه السلبيات.

التمييز الجنساني لم يتوقف عند حدود العالم العربي، لكن ظهر في الغرب أيضًا، وفي دولة الحريات، إذ نشرت صحيفة شيكاغو تريبيون الأمريكية خبرًا عن المتسابقة “كوري كوجدل” التي فازت في منافسات الرماية، معنونة إياه بــ “زوجه لاعب كرة القدم الأمريكية تفوز بالميدالية البرونزية في أولمبياد ريو “، لتنسب الإنجاز كله للرجل وليس المرأة التي حققته.

فيما قام بالفعل نفسه المعلق الرياضي بقناة أن بي سي – NBC  الأمريكية، عندما نسب فوز السباحة المجرية “كاتينكا هوسزو” بالميدالية الذهبية، إلى زوجها عندما قال “هناك رجل مسؤول عن ذلك”

وفي هذا السياق، توضح عضوة المجلس القومي للمرأة، أن حالة التنميط والتسليع ليست في العالم العربي وحده بل تكشفها بعض الممارسات في الدول الغربية، وتقول :” أي انجاز يحققه أي شخص فإنه يسند إليه بغض النظر عن نوعه أو جنسه، والمرأة تحرز تقدمًا كل يوم ولكن مازال الطريق طويلًا.”

تمثيل مصر بالحجاب لن يختلف عن تمثيلها بالبيكيني في المسابقات الدولية

فريدة عثمان – سباحة

فيما ترجع “جواهر الطاهر” منسقة المشروعات بمركز قضايا المرأة، حالة الجدل إلى الفراغ قائلة :”دول ناس فاضية مش لاقيه حاجة تتكلم فيها “حسب تعبيرها وتضيف “لابد أن يكون النتيجة والإنجاز هما الفيصل وليس ملابس النساء.”

وتابعت “ملابس المرأة في مسابقة أو غيره يدخل في نطاق الحرية الشخصية للأفراد، وفي حالة اعتراض أحد من البعثة أو المسابقة على وجود المحجبات هذا يعني وجود مشكلة وعنصرية ولابد من التصدي لها، وأي حديث غير ذلك ليس له أهمية ” حسب قولها .

واختتمت “الطاهر” بالقول “يجب أن ندرك  أن تمثيل مصر بالحجاب لن يختلف عن تمثيلها بالبيكيني في المسابقات الدولية.”