انتهى عام 2016، ليرحل بكل ما فيه من تعيس ومبهج، إخفاقات وإنجازات، ومع دخول عام 2017، الذي قررته السلطة السياسية عامًا للمرأة، لابد من النظر إلى العام الماضي، وتدبر أبرز مشاهده التي انطوت على عنف لا حد له فردي وجماعي تجاه المرأة، وهل تتغير هذه المشاهد القاتمة إلى أخرى بالألوان في العام المنصرم، سؤال لا يمكن أن يجيب عليه سوى أيام وشهور السنة الجديدة.

تغشى الأبصار عن إنجازات البطلات

عندما توجت لاعبة الإسكواش المصرية “نور الشربينى”  ببطولة العالم للسيدات، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليق على “التنورة” التى كانت ترتديها تاركين الإنجاز الضخم، وهذا نفسه ما حدث مع أغلب المشاركات فى دورة الألعاب الأوليمبية في البرازيل خلال شهر أغسطس، وجاءت التعليقات تبخس إنجازاتهن فى كل الأحوال، سواء بالحجاب أو بالملابس المحددة لهذه الألعاب الرياضية، وكأن المرأة مذنبة فى كل الأحيان والأماكن.

نواب مجلس “الشعب سابقًا” يتهجمون على نصفه

لا يمكن أن نذكر وقع 2016 على المرأة، دون أن نتذكر وابل التصريحات المسيئة التي جاءت على لسان النائب بالبرلمان “إلهامى عجينة”، وكان أولها فى يناير الماضي، عندما طالب النائبات بإرتداء ملابس أكثر احتشامًا تليق بمجلس النواب، ثم اعتذر، وبعد فترة عاد من جديد ليخالف كل القواعد المنطقية ويعلن تأييده للختان، قائلًا “إحنا شعب رجالته بتعاني من ضعف جنسي، بدليل إن مصر من أكبر الدول المستهلكة للمنشطات الجنسية”، وأضاف “من باب أولى علشان تكون فيه عدالة بين الرجال والنساء، إننا نقوم بالختان، لأنه بيقلل الشهوة الجنسية لدى المرأة، والمفترض أن تقف النساء إلى جانب الرجال علشان العجلة تمشي”، وعاد واعتذر، لكنه لم يكف لا عن تصريحاته ولا اعتذراته، وصرح للإعلام بوجوب توقيع كشوف العذرية على الفتيات بالجامعات، فاعتذر عن الإساءة ثالثًا، لكن البرلمان لم يتخذ أي إجراء “حاسم” و”حازم” ضده بعد كل ما قاله خلاله هذه السنة.

ناشطات نسويات.. يكرمن بالمنع من السفر والضبط والإحضار

تكررت وقائع ملاحقة ومنع سفر وضبط عدد من الناشطات النسويات صاحبات مسيرة طويلة في النضال من أجل حقوق النساء، فلم تكتمل فرحة “مزن حسن” بعد أن اختيرت ضمن قائمة الفائزين بجائزة نوبل البديلة  لعام 2016، ورغم أنها ثالث مصرية تفوز بالجائزة بعد المعماري “حسن فتحي” والعالم “إبراهيم أبو عيش”، إلا أن ذلك لم يغير شيئًا في الإجراءات التي اتُخِذَت ضدها، وحال المنع من السفر الذي قررته المحكمة بحقها، في إطار ما عرف إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي، دون حضور حفل تسليم الجائزة.
المحامية “عزة سليمان” مدير مركز مؤسسة قضايا المرأة، خضعت هي الأخرى للمنع في نفس القضية، بالإضافة إلى التحفظ على أموالها الخاصة وتجميد أرصدة مكتب المحاماة، فضلًا عن القبض عليها فى نفس ملف قضية التمويلات الأجنبية للمنظمات الحقوقية، وبعد ساعات تم إخلاء سبيلها بكفالة 20 ألف جنيهًا على ذمة التحقيقات، وتكررت واقعة المنع من السفر بدون حكم قضائى واضح مع الناشطة الحقوقية “عايدة سيف” مدير مركز النديم لـاهيل ضحايا العنف والتعذيب.

“امرأة جردوها من ملابسها علنًا”.. فضاع حقها تحت يافطة “المُوَاءَمة”

أبشع انتهاك بحق المرأة وقع خلال 2016، هو ما تعرضت له من عرفت إعلاميًا بــ”سيدة المنيا”، في شهر مايو الماضي، تلك السيدة السبعينية، التي تم تجريدها من ملابسها فى أحد شوارع قرية الكرم بمركز “أبو قرقاص”، على إثر فتنة طائفية، اشتعلت على خلفية أنباء عن علاقة عاطفية تجمع بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي، ومن ثم اندلعت اشتباكات بين الطرفين، واقتحم عدد منزل الشاب المسيحي، وأشعلوا النار فيه، واعتدوا على والدته وجردوها من ملابسها، وكالعادة على الرغم من كل الصخب والاعتراض والغضب الذي عبأ الأجواء لأيام، لم يعد الحق لصاحبته، لأن الجلسات العرفية هي الأعلى صوتًا في كل حوادث الفتن الطائفية.

تلفزيون “الدولة” يقيم مذيعاته “شكلًا” وليس “مضمونًا”

العنصرية في أقبح صورها، تتجلى في قرار رئيسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون “صفاء حجازي” بإيقاف 8 مذيعات بالتليفزيون المصرى عن العمل وتحويلهن إلى الإعداد بسبب زيادة وزنهن، والأغرب أن القرار تضمن إيقافهن لحين إتباع نظام غذائي لمدة شهر حتى يظهرن على الشاشة بشكل لائق، ولم يشمل القرار أي مذيع ولم يوقف أى رجل بالتلفزيون المصري عن العمل، بسبب زيادة وزنه.

“ميار” تكشف فشل الحرب على الختان
من جديد يقتل الختان طفلة لا ذنب لها في الحياة، سوى أنها ولدت في مجتمع يرى شرف المرأة في نصفها السفلي. توفيت “ميار” ذات السبع سنوات بمستشفى القنال الدولي الخاص في مدينة السويس، بعد أن  أخضعتها الأسرة هي وشقيقتها لعملية ختان على يد طبيبة، وقد أعلنت والدتها بوضوح أنها قصدت من تختين بنتيها تهذيب شهوتهما، وفي ظل ما يسمى بالحرب على الختان، التي بدأت في 2008 بعد وفاة الطفلة بدور إثر عملية مشابهة، وصدور قانون يجرم الممارسة وفتوى رسمية تحرمها، أصدرت المحكمة حكمها في قضية مقتل “ميار” بـ”بالسجن سنة مع إيقاف تنفيذ الحكم لمدة 3 سنوات لكل من طبيبة النساء، وطبيب التخدير، ووالدة الضحية مع تغريم كل منهم 5000 جنيهًا، عدا أم الضحية ألف جنيهًا لاتهامهم بالتسبب في جرح أفضى إلى موت.”

بطلات.. لكن الموت أهون عليهن من الحياة

البطلة “ريم مجدي”

العنف الأسري في حد ذاته قد لا يقتل، لكن قد يدفع ضحيته لقتل النفس خلاصًا منه،  وهذا ما حدث مع  “ريم مجدى” بطلة مصر وأفريقيا في المصارعة النسائية، التي على الرغم من صغر سنها، حققت نجاحات عديدة، وحصدت 9 بطولات جمهورية والميدالية الذهبية في بطولة أفريقيا التي أقيمت بالجزائر لمن هن تحت سن 17 ووزن الـ43 كيلو، والميدالية البرونزية في بطولة العالم للناشئين بجورجيا، ومع ذلك لم تجد الدعم والتشجيع من والدها بقدر ما لاقت تثبيط للعزيمة وإهانة، حتى فاض بالصغيرة بعد إحدى المرات التي عنفها فيها لفظيًا وجسديًا، وألقت بنفسها من السيارة، أثناء سيرها مسرعةً، وعندما أحالته جهات التحقيق إلى محكمة الجنايات، وجهت له تهمة “ضرب أفضى إلى موت”.

https://youtu.be/ED5gwnOcJwo

قصة لا تنتهي “الحجاب بالأمر” في المدارس

ربما الواقعة نفسها ليست جديدة، لكن حملة الرفض لهذا النوع من القمع، هي ما استجلب المزيد من الاهتمام خلال هذه السنة، فبعد أن قررت ﻋﺪد ﻣﻦ المدارس الحكومية مع بداية السنة الدراسية فرض زي يضم “اﻟﺤﺠﺎب” للفتيات ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻘﺮارات اﻟﻮزارة وﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻤصري، تبنت مؤسسة المرأة الجديدة حملة واسعة ضد هذا التعسف الذي أكده عدد من أولياء الأمور في عدد من المدارس بأكثر من محافظة من خلال الحملة وظهرت العديد من الوقائع في نفس السياق، إلا أن القرار الوحيد الذي خرج في هذا الصدد كان من وكيلة وزارة التربية والتعليم بمحافظة الشرقية، الذي قضي بمنع إجبار الطالبات على الحجاب في مدارس المحافظة.