خلف الكاميرات وبعيدًا عن أضواء الشهرة التي تحيط بمن تتجه عدساتها نحوهم، هناك سيدة مطلقة تشتغل بالإخراج، في أحد برامج التوك شو  المسائية، تعاني من التمييز والترصد من حانب من حولها لأنها امرأة مطلقة، وتمتهن إحدى المهن الإبداعية.

ب.ع تزوجت في الثالتة والعشرين من عمرها، وكانت سعيدة بهذه الخطوة، لكن سرعان ما تبدلت الأمور، فبعد زواجها بشهر، بدأت الخلافات تدب بينها وبين زوجها، حتى وصل به الحال إلى الاعتداء عليها، وتقول «هذه المرة اعتدى علي بالضرب، لأن أحد أقاربه جاء إلى المنزل، ولم أكن موجودة لمقابلته، وكنت أصور حلقة من البرنامج تُذاع على الهواء، وفوجئت باتصال هاتفي منه، يقول لي “تعالي دلوقتي عندنا ضيوف”، ولم أكن أتوقع أن يظن أنني سأعود في التو واللحظة.»

تردف قائلة «عدت إلى المنزل في موعدي بعد انتهاء حلقتي وكان أقاربه قد غادروا، عندها افتعل مشكلة، وتتطور الأمر إلى مشادة كلامية، انتهت بإهانته لي واستخفافه بعملي وعمل المرأة عمومًا، ومن ثم اعتدى علي بالضرب.»

تركت ب.ع بيت الزوجية، وعادت إلى والدتها التي استقبلت مشكلتها بالرد “معلش البنت ملهاش إلا بيت جوزها وبعدين قعدتك دي هتلوث سمعتك إزاي عروسة وراجعة بعد شهر من الجواز لبيت أهلك.”

«كلمات أمي وقعت علي كالصاعقة، وبعد شهر قررت أن أترك بيت أمي وأعود إلى بيتي، وعندما عدت وجدت كثير من الإهانة والضرب، وهو ما دفعني لطلب الطلاق للخلاص من هذا الإذلال، لكنه رفض.»

قررت ب.ع رفع دعوى طلاق أمام المحكمة، وبسبب طول فترة التقاضي، نصحها المحامي بتحويل القضية إلى خلع، والتنازل عن حقوقها المادية، استفادةً من قصر مدة نظر هذا النوع من القضايا، فأذعنت لمقترحه.

المثير للاشمئزاز أن الزوج انتابته فرحة عارمة بعد تحويل القضية إلى خلع، بعد أن تيقن من تنازلها الكامل عن مستحقاتها.

كان الحكم بالخلع بمثابة إعلان الانتصار، وبادرت بإطلاق زغرودة قوية داخل قاعة المحكمة بعده، ووزعت الحلوي، بعد أن شعرت بالتحرر أخيرًا من ذلك الطوق المكبل.

لكن المجتمع يهوى تقييد النساء، ويكره أن يراهن حرائر، فقد اكتشفت ب.ع أن الطلاق لم يكن زوالًا للغائلة التي نزلت بها، وإنما سببًا في أخرى، وتقول «نظرة المجتمع للمطلقة نظرة سوداوية قاتمة، تُحاط بالارتياب والتشكك، فعادة ما يضطرني عملي للتأخر حتى الفجر، وعندما أعود لا أسلم من نظرات البواب وألسنة الجيران. »

وتستطرد «بعد الطلاق، اكتشفت أنني حامل، وقد جاء ابني ليكون مسؤوليتي منفردة، ولذا كان بد أن استمر في عملي، وواصلت العمل بعد الولادة بشهر واحد، في الوقت الذي لايزال والده لا يعرف حتى شكله. »

كنت أتوقع أن يكون التقدير هو جزاء كل ما أعانيه، لأجل حياة أفضل لي ولابني، لكنني فوجئت بالعكس تمامًا، الاتهامات تلاحقني وكأنني اقترفت بطلاقي ذنبًا لا يُغتفَر، بات أخي يمنعني من الخروج والدخول.»

دخلت ب.ع في خلافات كثيرة مع أسرتها، وعانت ومازالت من نظرات الأقارب والجيران، وتقول «لا أنسى عندما كنت في فرح إحدى قريباتي، وعندما أقبلت عليها أبارك لها، فوجئت بأمها تهمس في أذنها “ماتسلميش بحمامة كده لحسن تعديكي”، شعرت وقتها كأنني أصبحت حاملة لفيروس معدٍ، لقد تحولت إلى امرأة منبوذة، سجينة لأفكار عنصرية متخلفة.»

«تعرضت لاعتداء جنسي من قبل أحد العاملين معي بالبرنامج، عندما وجدني خرجت من مكان العمل، قاصدةً سيارتي، بعد انتهاء الحلقة، حتى فوجئت بشخص يركض ليلحق بي في الجراج، ثم هم  يقتحم السيارة، ويحاول تقبيلي عنوةً، قائلا “أنتِ بتتنكي على إيه أمال لو كنتِ بنت بنوت ده انتي جوزك قرف منك طلقك تلاقيكي فيكي عيب”، تعال صراخي واستنجادي، حتى تدخل عمال الجراج وأنقذوني، وفيما بعد أوقفوه عن العمل بسبب فعلته.» تحكي ب.ع

وتتابع «تأكدت وقتها أن المجتمع يضع اللوم على المرأة وحدها دائمًا بعد الطلاق، ويرون أن العيب فيها وليس فيه، ولأنها لم تعد عذراء يرى كثيرون أن هذا مبرر لاستباحة جسدها.»

تعرضت المخرجة الشابة للتعنيف من جانب أسرتها، وحاولوا مرارًا تزويجها، ظنًا بأن هذا هو الحل للتخلص من وصمة “الطلاق”، ومازالت تواجه كل ذلك الظلم بالمقاومة.

تختتم حديثها «بداخلي دائمًا تساؤلات كثيرة لاتفارق عقلي؛ إلى متى سأظل أعافر لمواجهة هذا المجتمع؟ ما الذي يدفع الاَخرين للنظر إلى المطلقة هذه النظرة المتجنية؟ أليس من واجب هذا المجتمع أن يأخذ بيد المطلقة حتى تتجاوز الكبوة لما يضاعف من العثرات في طريقها؟!»