كانت “منيرة ثابت” أول امرأة مصرية يقيد اسمها كصحافية عاملة في النقابة الأهلية الأولى التي تأسست في عام 1924، ثم في عام 1926، أصدرت مجلتين، باللغتين الفرنسية والعربية، تحملان اسم الأمل، وخاضت من خلالهما العديد من المعارك للمطالبة بالمساواة بين الرجال والنساء في شتى المناحي، وفي مقدمتها الحياة السياسية.

في النصف الثاني من عام 1926، اشتعلت الحرب بين “ثابت” والمحافظين، على إثر كتابتها في مجلتها عن أحقية النساء في المساواة في الإرث مع الرجال.

وقد بدأت المعركة في الصحافة، وبادرت مجلة الكشكول بالهجوم عليها، وهي مجلة سياسية ساخرة، أصدرها سليمان فوزي في عام 1924، وهدفها الرئيس هو مهاجمة سعد زغلول وانتقاد سياسة حزب الوفد بالصور الكاريكاتورية والمقالات الفكاهية.

بعد انتقاد “ثابت” لغياب المساواة في الإرث بين الرجال والنساء ومطالبتها بتطبيق ذلك، نشرت الكشكول مقالًا بتوقيع “قارئ” يشن هجومًا حادًا عليها، ويطالب الأزهر بإيقافها عند حدها، لأنها تجرأت وهاجمت الدين، واصفًا ما كتبته بــالفظيع والعبث الذي لا ينبغي السكوت عنه، حتى لا تكون فتنةً تذهب بما في نفوس النساء من الإيمان، وطالب وزارة الداخلية أن تسحب رخصة المجلة.

على الرغم من المعارضة الشديدة إزاء ما طالبت به “ثابت” عبر صفحات مجلتها، لم تُفلح محاولات قصف قلمها، واستمرت مجلتها في الصدور، ومضت هي في الكتابة عن حقوق النساء بنفس الجرأة. وفي نهاية هذه السنة، كتبت “ثابت” تطالب بحق النساء في الترشح والتصويت في انتخابات البرلمان المصري، ليعود الهجوم عليها مجددًا، وكما سبق وفعلت، أفردت الكشكول مساحة لمهاجمتها بشكل شخصي، وجاء في جانب مما نشرته في هذا السياق “الآنسة منيرة ثابت تمتاز بثورتها على التقاليد الموروثة، فهي لا تتحرج أن تهجم على ما كان إسلاميًا من هذه التقاليد، فليس كثير عليها وهي صاحبة الدعوة إلى مساواة المرأة والرجل في الميراث الشرعي، أن تطلب للنساء حقًا للانتخاب.”

ومنذ نادت عميدة الصحافيات المصريات بهذا الحق في عشرينيات القرن الماضي، لم يتحول إلى حقيقة في حياة أي امرأة عربية، سوى في تونس التي بدأت أولى خطواتها في هذا الإتجاه، بدعوة من رئيس الجمهورية هناك في أغسطس الماضي، بغية تشريع قانون يضمن المساواة في الميراث بين الجنسين.