عن الكاتبة: أكاديمية، وإحدى المشاركات في حملة «ما تجبرنيش»

«ابن عمك ينزلك من على الكوشة»، هذه المقولة اسمعها منذ كنت في العاشرة من عمري، وهذا يمثل فرضًا لزواج ابن العم وبنت العم، ويُحرِّمها على غيره، على الرغم من أن ذلك يتعارض مع كل الأديان ومع العقل، لأن الإنسان خُلِقَ حرًا، ومسؤولًا عن قراراته.

زواج أبناء العم له عدة أسباب، منها؛ الحفاظ على التكوين العائلي، حتى لا ينضم إليهم غريب، وأيضًا للحفاظ على ممتلكات العائلة من الانتقال إلى الغرباء، ويأتي سبب اَخر عجيب وهو «اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفهوش»، وهو  يبرر كسل الأهل.

فكرت كثيرًا هل لزواج الأهل مميزات، ونتائج طيبة تجعله مقدسًا لهذه الدرجة؟، لكنني لم أجد أي ميزة تُذكر، حين رأيت ما يُخلِّفه من أضرار نفسية ومادية، فأضراره النفسية تتعاظم، حين يرى الفتى والفتاة، أنهما مجبران، وليس لديهما حرية الاختيار في أن يعيشا مع شريك لا يحملان تجاه أي مشاعر، وبالطبع سيظهر ذلك في طريقة التعامل، فترى كمية نفور يحملها كل طرف للاَخر، مما يحول الحياة إلى مرحلة مؤلمة، يبحث كل منهما عن منفذ يبعده عنها، وقد تنتهي بالطلاق أو انجاب جيل من الأبناء معقد ومرهق ومفتقد لأجواء المحبة والسلام.

في مجتمعي، يبحث كل ولد وبنت في بداية حياتهم عن حياة مشرقة مزهرة بعد الزواج بمن يحب، ولكن ما أن يكتشف أنه لا يملك حرية الاختيار أو الحب، وأنه حر فقط في أن يحب ويتزوج من قبيلته أو قبيلتها وأبناء العمومة، عندها يصاب بالخيبة وتتهدم كل الأحلام، ويصبح الزواج واجبًا بيولوجيًا بحتًا، يخلو من كل المعاني الروحانية يصبح زواج أجساد، بينما الأرواح شاردة في البعد، وإذا رفضت إحداهن الزواج من أبناء عمها، تنشب خلافات وخصومات بين الأهالي، تظل لسنوات ولا تهدأ مما جعل كثير من الشباب، يعزفون عن الزواج، بسبب هذا التعسف، حتى لا يقعوا فريسة لزواج أبناء وبنات العم، ومشاكله التي لا تنتهي. ناهيك عن الأضرار النفسية، فإن ألاضرار المادية لا يمكن تجاهلها، إذ أننا نسمع عن أمراض كثيرة تنتج عن هذه الزيجات، والكارثة أن الكثير من أبناء العم عند زواجهم، لا يقومون بإجراء فحوصات ما قبل الزواج، مما يزيد الأمر سوءًا.

قد يكون هناك أبناء عم، اختاروا أزواجهن وزوجاتهم  من أبناء العم والأقارب بحب وحرية، وخضعوا لسنن العائلة، ولكن ماذا عن من لم يقبلوا ولن يقبلوا؟

#ما_تجبرنيش: حملة أطلقتها مبادرة دورِك في قنا، في إطار الـ16 يومًا الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة.

تهدف الحملة إلى التوعية بخطورة الزواج القبلي، المنتشر في بعض المناطق في صعيد مصر.