في يونيو من العام 1996، صدر قرار من وزارة الصحة، برقم 261 لسنة 1996، يقضي بحظر إجراء ختان الإناث، على يد الأطباء أو غيرهم فى المستشفيات العامة والعيادات الخاصة، وجاء نص القرار «يُحظَر إجراء عمليّات الختان للإناث، سواء بالمستشفيات، أو العيادات العامّة، أو الخاصّة، ولا يسمح بإجرائها إلا فى الحالات المرضية فقط، التى يقرها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى، وبناءً على اقتراح الطبيب المعالج».»

على الرغم من أن القرار  يمثل خطوة للأمام في الحرب على تشويه الأعضاء التناسلية، فقد ترك ثغرة للأطباء والأخصائيين، تمكنهم من إجراء ختان الإناث فى الحالات التي وصفها بــ«المرضية»، مما يسمح بانتهاك القرار الوزاري.

وتجدر الإشارة إلى أن القرار الوزاري ليس الأول من نوعه، فقد سبق وأصدرت وزارة  الصحة في العام 1959،  قرارًا برقم 74 لسنة 1959، يقضي بحظر إجراء ختان الإناث في مستشفيات ووحدات وزارة الصحة، ويتضمن فى مادته الأولى كشفًا بأسماء لجنة مكوَّنة من خمسة عشر عضوًا، من رجال الدين وأطباء، ومن بينهم، وكيل وزارة الصحّة حينذاك «مصطفى عبدالخالق»، ومفتى الديار المصرية «حسن مأمون»، ونص في مادته الثانية على ما أقرته اللجنة:

*يحرّم بتاتًا على غير الأطباء القيام بعملية الختان وأن يكون الختان جزئيًا لا كليًا لمن أراد.

*منع عملية الختان بوحدات وزارة الصحة لأسباب صحية واجتماعية ونفسية.

*غير مصرح للدايات المرخصات بإجراء أي أعمال جراحية، ومنها، ختان الإناث.

*الختان بالطريقة المتبعة الآن له ضرر صحي ونفسي على الإناث سواء قبل الزواج أو بعده.

ما كشفته الأرقام والإحصاءات، يؤكد أن القرار لم يخرج عن حدود الورقة التي كتب عليها، واستمرت ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية بمعدلات شديدة الارتفاع، ومع ذلك عندما فكرت وزارة الصحة في اتخاذ خطوة أخرى في هذا الشأن، ارتدت إلى الخلف وتراجعت عن السابقة، وأصدرت قرارًا في  أكتوبر من العام 1994، يقضي بفتح المستشفيات العامة لإجراء ختان الإناث، بناءً على رغبة أولياء الأمور، الذين يفشل الطبيب والأخصائى الاجتماعي ورجل الدين فى إقناعهم بعدم جدواه.

أيضـــــــــــــًا.. عام 1994 – القاهرة تحتضن المؤتمر الدولي الثالث للسكان: معركة خسرها المحافظون.. وكسر تابو «الحقوق الإنجابية»

المثير للدهشة أن هذا القرار جاء بعد شهر تقريبًا، من انعقاد المؤتمر الدولي الثالث للسكان والتنمية في القاهرة (5-13 سبتمبر 1994)، الذي خرج بتوصيات، من بينها، اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف تشويه الأعضاء التناسلية، ودعم الجماعات التي تكافحه، باعتباره أحد مظاهر العنف ضد المرأة، ويعد خرقًا لحقوق المرأة الأساسية وخطرًا كبيرًا على صحتها.

جاء القرار الوزاري رقم 261 لسنة 1996، ليُحسِّن لفظيًا فقط من وقع وأثر القرار الصادر في العام 1994، لكنه لم يغير شيئًا على أرض الواقع، وترك ثغرة كبيرة، تفتح المجال أمام ممارسة ختان الإناث داخل المستشفيات والعيادات، لتستمر ظاهرة تطبيب الختان.

ملحوظة: نحن هنا نتعرض ما يرتبط بقضية «ختان الإناث» في العام 1996 تحديدًا، وليس ما يتعلق بالحرب على هذه الظاهرة المستمرة لما يقترب من 90 سنة.